هي
حقيقة أساسية للحياة البشرية والانسانية، ولكن الباحثين لا يعرفون على
سبيل التأكد اسبابا ضرورية للنوم. وتتراوح النظريات : فربما يتولى الجسد
اصلاح الاضرار بالانسجة المستهلكة. عندما ننام. وربما تعيد شحن نفسها، كما
يتيح النوم للدماغ الفرصة لدمج الحقائق الهامة، والذكريات والانطباعات
العاطفية المسجلة في اليوم السابق. وربما تكون الاجابة هي كل الاشياء
السابقة. إلا ان الباحثين يركزون بطريقة متزايدة على الدور الذي يلعبه
النوم في ترسيخ ودعم الذكريات. ويبدو ان الدراسات الاخيرة قد تابعت عملية
دمج الذكريات خلال عمله، واشاروا الى ان الحياة الليلية العصبية اكثر ثراء
مما كان يعرف سابقا. فالدماغ النائم لا يتولى تحديد الحقائق الهامة من
التافهة، كما اشارت الدراسات، ولكن يعيد التفاعل الاجتماعي ويظلل الخبرات
مع الالوان العاطفية لكي تصبح اكثر شمولية. ولذا فإن اعاقة النوم الطبيعي
يمكن ان يكون مرهقا. ويعاني 50 مليون اميركي من بعض مشاكل النوم، من الأرق
الى بعض المشاكل النادرة مثل احتكاك الاسنان اثناء النوم، ومتلازمة الساق
غير المريحة أي الاشخاص الذين يحركون سيقانهم كثيرا اثناء النوم. ومن بين
كل تلك الحالات تعتبر حالة اعاقة النوم هي اكثرها تسببا في مشاكل: فخلال
النوم، تضيق القصبة الهوائية لدرجة ان الشخص يستيقظ وهو يهتز ويتنفس
بصعوبة. وكل اعاقة لعملية النوم تقضى على «ممرضة الطبيعة الهادئة» على قول
شكسبير. ولا يدهش أي شخص عانى من مشاكل نوم لمدة اسبوع او اكثر عندما يسمع
ان مشاكل النوم مرتبطة بالمشاكل الجسدية. مثل ضغط الدم والمتاعب العاطفية،
ولاسيما الاكتئاب. وهؤلاء الذين لا ينامون لفترات طويلة يمكن تعرضهم
لمشاكل نفسية، الى درجة الهلوسة. وكما يرى خبراء الاعصاب كل استيقاظ يلقي
الضوء على غرفة الدماغ المظلمة في الوقت الذي كانت تتطور فيه صورة عقلية
دقيقة. وتحاول بعض الابحاث هي ربط مراحل النوم بوظيفة محددة، مثل تثبيت
الذاكرة، بحيث يمكن للاطباء معالجة المشاكل المرتبطة بالنوم. ويأتي النوم
بعد اشكال مختلفة منها النوم العميق او نوم الموجات البطيئة حيث يوزع
الجسد مستويات عالية من الهرمونات يعتقد انها تشمل اصلاح الانسجة. وفي نفس
تلك المرحلة يبدو ان الدماغ يدعم الذكريات الثقافية بطريقة اكثر فاعلية،
مثل حفظ الكلمات والارقام. وقد حقق العلماء في الاونة الاخيرة اكتشافات لم
يسبق لها مثيل في طريقة عمل الدماغ خلال مرحلة نوم الموجة الهادئة. ففي
واحدة من تلك الدراسات، عرض الباحثون الالمان ان رائحة معروفة تساعد
الطلبة النائمين على تذكر افضل للاشياء التي تعلموها في الليلة السابقة.
فرائحة الورود ـ خلال الدراسة، ثم بعد ذلك خلال النوم ـ يبدو ان تكثف
العملية الطبيعية للذكريات. وعندما تعرض طالب الى رائحة وهو في مرحلة نوم
الموجة البطيئة ينشط جزء من الدماغ يطلق عليه اسم قرين امون، حيث يعتقد
انه يعمل لكي يستوعب احداث اليوم السابق. وتبين ان الراوئح خلال مرحلة
حركة العين السريعة ليس لها أي تأثير. وهو امر مفهوم، فقد درس الطلب موقع
زوجين من اوراق اللعب، وهي مهمة عقلية جادة خالية من أي حكايات او محتويات
عاطفية التي تزحم مرحلة حركة العين السريعة. والصور المضطربة خلال مرحلة
حركة العين السريعة، كما يشير بعض العلماء، ربما تعكس جهود الدماغ على دمج
ردود الفعل العاطفية، أي ربما يضيف اضاءة مزاجية الى مشاهد جرى دعمها في
مناطق اخرى من الدماغ. وقد حلل باحثون في ماساشوستس يوميات الطلبة عن
الاحلام، حيث قارنوا بعض الاحلام بعد وقبل 11 سبتمبر 2001. وقد تغيرت
احلام الطلبة بطريقة هامة بعد الهجمات، وضمت اربع مرات من الصور
التهديدية. وفي دراسة اجريت عام 2005 ، حللت يوميات الطلبة عن الاحلام
بالاضافة الى قراءات من حركة رموش العين، وجد العلماء انه من المرجح ان
التفاعل الاجتماعي النشط يجري خلال مرحلة حركة العين السريعة اكثر منه في
مراحل اخرى. وبدأ العلماء في الاعتقاد ان كل مرحلة من النوم متخصصة في
تحليل نوعية معينة من المعلومات، ولذا فإن الفروق الحادة بين مرحلة حركة
العين السريعة ونوم الموجة البطيئة وغيرها من المراحل تزداد اهمية. فبينما
ادوية علاج مشاكل النوم المطروحة في الاسواق تعمل على تأكيد النوم، الا
انها لا تزيد نوم الموجات البطيئة. ومثل هذه الادوية افضل بكثير من حالات
الارق، ولكنها لا تعتبر بديلا للنوم العميق الطبيعي ودعم الذكريات المركز.
ويختلف الاشخاص اختلافا كبيرا في ما يتعلق بكمية ونوعية النوم الذي
يحتاجونه، ومع زيادة السن، يبدو ان الجسد يجد صعوبة في دخول مرحلة النوم
السريع. والبعض منا في حاجة ملحة لمرحلة نوم الموجات البطيئة، البعض الاخر
يشعرون بالحاجة الى مرحلة نوم حركة العين السريعة. وفي السنوات القادمة
فإن تحديات ابحاث النوم، ستمنح الاطباء والمرضى الذين يعانون من قلة النوم
الفرصة، ليس فقط للنوم اكثر، ولكن ربما لنوعية النوم الذي يحتاجونه.